مركز أسنان الدولي
https://www.assnan.com
الإشكالية في سفر المرأة الحامل، والنصائح الطبية حول ذلك، هي أن ما يتبادر إلى ذهن الكثيرات مقتصر على أن السفر بالطائرة للحامل شيء خطير، بينما الحقيقة عكس ذلك تماماً!
والإشكالية الأخرى، والمترتبة على الأولى، أن ذهنهن ينصرف إلى الطائرة فقط، ولا ينصرف إلى عملية السفر نفسها، بكل ما للسفر من تبعات على البعد عن أماكن توفر الخدمات الطبية العلاجية عند الحاجة إليها، وسهولة التعرض لأي إصابات أو أي أمراض ميكروبية مُعدية خلال السفر، وتأثيرات تغير البيئة المناخية والجغرافية التي تم فيها الحمل وبدء مشواره.
تُؤكد إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة في نشرات عام 2008 لإرشادات السفر الطبية، أن مجرد سفر المرأة الحامل بالطائرة المعتادة لا يحمل أي مخاطر صحية على الأم الحامل الطبيعية والسليمة من أية أمراض، ولا على الجنين السليم والخالي من أية اضطرابات صحية.
بل وتُؤكد الكلية الأميركية لطب النساء والتوليد في نص كلام إرشاداتها على أن الأصحاء من النساء، اللواتي يحملن جنيناً واحداً، بإمكانهن السفر بكل أمان حتى بلوغهن الأسبوع 36 من عمر الحمل، أي بدايات الشهر التاسع.
فترة السفر الآمن
ومع هذا، ووفق إرشادات الكلية الأميركية لطب النساء والتوليد، فإن الفترة الأكثر أماناً لسفر المرأة الحامل هي الثلث الثاني من الحمل. أي الفترة ما بين الأسبوع 18 والأسبوع 24 لعمر الحمل.
وخلال هذه الفترة، تشعر المرأة الحامل بأنها مرتاحة أكثر وتتدنى احتمالات تعرضها للمخاطر الصحية جراء السفر وما يجري بالعادة خلاله من أحداث محتملة.
وتحديداً تتدنى احتمالات حصول الإجهاض التلقائي spontaneous abortion أو مخاض الولادة المبكر premature labor.
وتضيف الكلية القول، يجب نُصح المرأة الحامل، في فترة الثلث الأخير من الحمل، بأن تبقى في محيط مسافة 300 ميل من منزلها.
وذلك بسبب الاهتمام في توفير الخدمة الطبية لها فيما لو حصلت اضطرابات مرضية مُصاحبة للحمل. مثل ارتفاع ضغط الدم الحملي أو التهابات الأوردة أو مخاض الولادة المبكر.
وتشدد على ضرورة أن تستشير الحامل طبيبها، المتابع لحالة الحمل، حول أي قرارات قد تتخذها إزاء احتمالات سفرها.
وهنا يُثمر التعاون فيما بين طبيب الحمل والمتخصص الصحي في طب السفر، في وزن فوائد أو مخاطر السفر.
وذلك بناءً على الوجهة المُراد السفر إليها، وطبيعتها الجغرافية والمناخية والسكانية، ومدى توفر الخدمات الصحية فيها، ووسيلة الانتقال، والمدة الزمنية لذلك.
موانع محتملة
وثمة موانع محتملة التأثير السلبي على الحمل أو الأم أو الجنين. وبالعموم، كما تقول إدارة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية في إصدارتها حول طب الرحلات لعام 2008، أن المرأة الحامل التي لديها حالة مرضية مهمة يجب نُصحها بعدم السفر إلى مناطق نائية أو غير المتوفرة فيها وسائل الرعاية الصحية الجيدة.
وتُقسم المراكز السفر إلى سفر محلي وداخلي، وسفر خارجي دولي. وبالنسبة للسفر الدولي الخارجي، تُقسم الموانع المحتملة التأثير السلبي إلى ثلاثة أنواع.
نوع يتعلق بعوامل خطورة ذات علاقة بالحمل نفسه.
ونوع يتعلق بتلك المرتبطة بمخاطر طبية عامة.
ونوع يحمل مخاطر لها صلة بمنطقة الوصول.
- عوامل مرتبطة بالحمل: وهي ما تشمل حصول إسقاط سابق للجنين. أو وجود خلل في إحكام إغلاق عنق الرحم. أو حصول حمل سابق في خارج الرحم، مع الحرص على التأكد من عدم وجود الحمل الحالي خارج الرحم.
أو حصول مخاض للولادة مبكر أو تهتك مبكر للغشاء الأميوني. أو وجود اضطراب في المشيمة، من نواحي عملها وموقع التصاقها وغيره.
أو وجود حالة من الإجهاض المُهدد أو نزيف من خلال المهبل، خلال الحمل الحالي. أو تعدد الأجنة خلال الحمل الحالي. أو وجود اضطرابات في الجنين وصحته.
أو حصول تسمم في أي حمل سابق أو ارتفاع في ضغط الدم أو مرض سكري الحمل. أو أن يكون الحمل لأول مرة لدى منْ تجاوزت سن 35 سنة أو يقل عمرها عن 15 سنة.
- عوامل طبية عامة: وهي ما تشمل حصول جلطات وريدية في السابق، خلال الحمل وما بعده أو مما لا علاقة لها بالحمل.
أو وجود ارتفاع في ضغط الدم الرئوي. أو وجود ربو شديد، أو أي أمراض رئوية مزمنة أخرى.
أو وجود أمراض أحد الصمامات بدرجة مؤثرة على قدرات المرأة.
أو وجود فشل في عضلة القلب بدرجة مؤثرة، أي من الدرجة الثالثة أو الرابعة وفق تصنيف رابطة نيويورك للقلب.
أو وجود ارتفاع في ضغط الدم، أو مرض السكري، أو فشل الكلى، أو أنيميا فقر الدم الحاد، أو أحد أمراض الهيموغلوبين.
يجب أيضاً مراجعة الحالة الصحية خلال الحمل السابق، ويمكن للطبيب تقرير مدى عدم مناسبة وسلامة السفر ..
ومن تلك الحالات التي تجعل الطبيب ينصح بعدم السفر:
- حصول نزيف دموي عبر المهبل خلال الثلث الأول أو الأخير من الحمل السابق.
- حصول ولادة مبكرة لجنين غير مكتمل النمو.
- الإصابة بحالة ارتفاع ضغط الدم الحملي، مع تدهور وظائف الكلى.
- الإصابة بمرض السكري الخاص بالحمل.
- الإصابة بالأنيميا المنجلية.
- الحمل بأكثر من جنين.
وفي العموم، على الحامل وزوجها أن يتعرفا على مستشفى قريب في مكان الإقامة الجديدة خلال السفر، وأن يكون لدى الحامل تقرير، ولو مختصر، عن حالتها الصحية وحالة حملها.
- عوامل محلية لمنطقة الوصول: أي التي ذات ارتفاع عال، أو التي توجد بها أوبئة متفشية ذات طبيعة مهددة للحياة، منتقلة إما عبر تناول الأطعمة والمياه، أو التي تنقلها واحدة من الحشرات.
أو المناطق الموبوءة بأنواع شرسة من الملاريا، أي المقاومة لبعض أنواع أدوية الوقاية منها مثل عقار كلوروكوين. أو المناطق التي تتطلب زيارتها تلقي لقاحاً يحتوي ميكروبات مُضعفة.
تحضير الحامل للسفر
ما أن تُقرر المرأة الحامل السفر، فإن عدة أمور يجب عليها الاهتمام بها قبل مغادرتها لمنطقة إقامتها، وهي:
- التأكد الطبي من وجود الحمل داخل الرحم، ونفيه لوجود أي حمل خارج الرحم.
- التأكد من توفر وسريان التأمين الطبي في المنطقة المراد السفر إليها.
- البحث عن مدى توفر مرافق تقديم الرعاية الصحية للحامل، متى ما تمت الحاجة إليها. وخاصة أن تكون ذات كفاءة في التعامل السليم مع مضاعفات الحمل أو الولادة، وإجراء العملية القيصرية.
- التأكد من توفر متابعة الحمل لدى الطبيب المختص، وخاصة عند طول مدة السفر أو وجود اضطرابات صحية تتطلب ذلك. وعلى الحامل عدم إغفال استمرارية المتابعة وفق الجداول الزمنية لذلك.
وبالإضافة إلى الطقم المعتاد للأدوية والمستحضرات الطبية اللازم اصطحابها خلال السفر، فإن على الحامل أخذ بودرة التلك، وميزان لقياس درجة حرارة الجسم، وحبوب الفيتامينات، وأحد مضادات الفطريات الموضعية للمهبل، وحبوب بانادول أو تايلينول لتخفيف الألم وخفض الحرارة، وكريم "صن سكرين" لوقاية الجلد من أشعة الشمس.
وعلى الحوامل في الثلث الأخير من الحمل أخذ جهاز صغير لقياس ضغط الدم وأشرطة تحليل البول لرصد أي زيادة في إفراز البروتينات أو السكر.
وعليهن استشارة طبيبهن حول حمل أي أدوية أخرى، مثل التي تُستخدم في نزلات البرد أو الحساسية أو الإسهال أو الإمساك أو غيرها من الحالات.
نصائح عامة للحامل المسافرة
يجب نُصح المرأة الحامل أن لا تُسافر منفردة، بل بصحبة شخص واحد على أقل تقدير، كما تقوله صراحة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية، التي تُضيف بأنه يجب إخبار الحامل بأن السفر سبب في عدم راحتها.
والمشاكل المعتادة خلال ذلك تشمل الإجهاد والتعب، وحرقة المعدة، واضطرابات الهضم، والإمساك، وإفرازات المهبل، وألم الساق، وتكرار التبول، والبواسير.
ولذا عليها أن تحرص على تقليل تناول الأطعمة المتسببة بالغازات أو الإمساك، مع ملاحظة أن اختلاف الضغط الجوي في الطائرة سبب في زيادة تمدد حجم الغازات، مقارنة بحجمها حال التواجد على سطح الأرض.
وتحرص على شرب السوائل قبل ركوب الطائرة، مع الحرص على تناولها خلال الرحلة لتقليل احتمالات الإصابة بجلطات أوردة الساق. وعلى ممارسة نوع من التمارين، لتحريك الساقين أثناء الجلوس في الطائرة أو السيارة أو القطار.
ولأن عواقب التعرض للمطبات الهوائية أثناء السفر بالطائرة قد تُؤثر على الحامل بشكل أكبر مما قد يحصل مع غيرها، فإن عليها الإبقاء على حزام الأمان مربوطاً طوال الرحلة.
وكذلك من الضروري ربط حزام الأمان حال ركوب السيارة أو حافلة النقل.
وفائدة ربط الحزام للوقاية من عواقب التعرض لأي حوادث تفوق تأثيراته السلبية الضاغطة على الجنين، لأن الجنين يسترد عافيته بسهولة بعد تعرضه لضغط هذه الأحزمة، كما تؤكده المصادر الطبية.
ومن المهم التذكير بضرورة مراجعة الطبيب، للإطمئنان على سلامة الحمل والجنين، بعد التعرض لأي حوادث تصيب البطن، سواءً أثناء التنقل أو السقوط أو الارتطام أو الدفع والمشاحنات.
والسبب أن هذه الإصابات قد ترى الحامل أنها غير مُؤثرة ظاهرياً بينما قد تكون لها تأثيرات داخلية على المشيمة أو الرحم أو الجنين أو غيره.
ومن الضروري معرفة العلامات والأعراض المتطلبة في الحال مراجعة الطبيب. وهي نزيف المهبل، خروج قطع من الدم المتجلط أو الأنسجة عبر المهبل، ألم أو تقلصات في البطن، انقباضات الرحم، تهتك الغشاء الأميوني وخروج سوائل من المهبل، انتفاخ أو ألم في أحد الساقين أو كلاهما، صداع شديد، اضطرابات في الإبصار.
الحوامل ولقاحات السفر
يجب على المرأة التي في سن الخصوبة، وخاصة حينما تُخطط للحمل وترتفع احتمالات نجاحها في ذلك، أن تفكر جدياً في تلقي اللقاحات الواقية من الإصابة بمجموعة مهمة من الأمراض الفيروسية والبكتيرية.
وهو ما سيحميها وسيحمي أطفالها. ولأن ما يربو على 50% من حالات الحمل، وفي بعض المجتمعات أكثر من 80%، تحصل دونما تخطيط مسبق، فإن على المرأة في سن الإنجاب أن تُحافظ على مستوى مناعتها ضد الأمراض التي تتوفر لها لقاحات، عبر تلقيها بانتظام ووفق الإرشادات الطبية الخاصة بذلك.
ووفق مكونات محتواها، ثمة أربعة أنواع من اللقاحات، وهي:
- لقاح يحتوي ميكروبات ميتة: ويتم إنتاجها عبر قتل الميكروبات الحية باستخدام الحرارة أو مواد كيميائية. ومن أمثلتها لقاح الكوليرا والأنفلونزا الموسمية.
- لقاح يحتوي ميكروبات مضعفة: ويتم إنتاجها إما عبر تعريض الميكروبات الحية إلى عوامل تُفقدها القدرة على التسبب بأي مرض، مثل لقاح الحمى الصفراء والحصبة والحصبة الألمانية والنكاف. أو باستخدام ميكروبات قريبة الشبه بالميكروبات المرضية، وذلك لكي يتعرف الجسم عليها ويُنمي قدرته على مقاومتها، مثل بعض أنواع لقاح السل (الدرن).
- لقاح يحتوي على سموم مضعفة: وهي سموم تفرزها ميكروبات معينة، يتم تعطيل مفعولها، مثل لقاح التيتانس (الكزاز) والدفتيريا.
- أجزاء من الميكروب: وبدلاً من استخدام ميكروبات ميتة أو مُضعّفة، يتم استخدام أجزاء من تلك الميكروبات في تنشيط تفاعل المناعة.
مثل لقاح التهاب الكبد الفيروسي من نوع بي.
والأصل أن أخذ اللقاحات في الفترة التي تسبق الحمل أفضل من تلقّيها في فترة الحمل نفسها، وذلك لحماية الجنين من أي مُضاعفات محتملة، ولو نظرياً.
وتنص إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية على أن فوائد تلقي اللقاحات تفوق المخاطر المحتملة لذلك، وخاصة في الحالات التي يرتفع فيها احتمال الإصابة بذلك المرض، أو حال أن الإصابة قد تتسبب بأذى بالغ على الأم أو الجنين، أو أن اللقاح لا يحمل مخاطر على مُتلقيه.
وحين تلقي أي من تلك اللقاحات، وخاصة الأنواع التي تحتوي على ميكروبات مُضعّفة، فإن النصيحة الطبية، وفق ما تُشير إليه المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية، هي تأخير الحمل إلى فترة تتجاوز أربعة أسابيع من بعد تلقى ذلك النوعية من اللقاح، أي مثل اللقاح الثلاثي MMR للحصبة والحصبة الألمانية والنكاف، ومثل لقاح الحمى الصفراء yellow fever.
والسبب أن ثمة مخاوف نظرية في تسبب تلقي تلك النوعية من اللقاحات، المحتوية على ميكروبات حية وضعيفة، بانتقالها عبر المشيمة إلى الجنين، وإصابته بالأمراض الناجمة عن أي من تلك الميكروبات.
وبالرغم من تأكيدها على هذا الإرشاد الطبي، تشير إدارة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية إلى أنه لم يثبت التبليغ عن أي ضرر للتلقي غير المقصود في فترة الحمل لمثل هذه النوعية من اللقاحات على الأجنة.
كما تشير أيضاً إلى أنه من غير المنصوح به طبياً إنهاء الحمل وإسقاط الجنين لمجرد تلقي أحد تلك النوعية من اللقاحات.
وتطعيم النساء، الأكثر عُرضة للإصابة بالحصبة الألمانية أو الجُديري المائي، ممكن خلال فترة ما بعد الولادة مباشرة، أي قبل الخروج من المستشفى، حتى لو كانت الأمر ستُرضع الطفل من ثدييها.
ولأنه لا يتوفر أي لقاح ضد فيروس إي Hepatitis E لالتهاب الكبد الفيروسي، ولأن هذا الفيروس خطير على الحوامل، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الحوامل عُرضة للوفاة جراء الإصابة به بنسبة قد تصل إلى 30%، فإن على الحامل أن تتبع أفضل وسائل الوقاية منه. خاصة عند زيارة مناطق موبوءة بهذه النوعية من الفيروسات.
ومعلوم أن هذا الفيروس ينتقل عبر شرب ماء، أو تناول أطعمة، ملوثة به.
والحقيقة أن على الحامل، في السفر أو الحضر، أن تتنبه إلى ضرورة الاحتياط في تناول المأكولات أو المشروبات النظيفة، لأن انتقال الميكروبات إلي جسمها، يختلف في الحمل عن خارجه.
وثمة قائمة طويلة لتلك الميكروبات التي قد تضر الجنين بشكل مباشر عبر الانتقال إليه من خلال المشيمة، أو بشكل غير مباشر عبر تأثيراتها على صحة الأم.
وللتذكير، فإن عقار أزيثرومايسن Azithromycin ، المضاد الحيوي المُتناول عن طريق الفم، هو أكثر المضادات الحيوية أماناً للحوامل حال الحاجة إلى تناول أي منها، وفق ما تُؤكده المصادر الطبية.
وأن عقاقير وقف الإسهال، مثل لوبريمايد loperamide أو غيره، يجب تناولها بحذر ووفق الإشراف الطبي.
سفر الحوامل بالطائرات
لا يحمل السفر، بحد ذاته، على متن الطائرات التابعة لشركات الطيران أي مخاطر صحية على المرأة الحامل أو على الجنين أو على عملية الحمل.
ولذا تُؤكد كل من الكلية الأميركية لطب النساء والتوليد والمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية، على أن بإمكان المرأة الحامل بجنين واحد، والتي ليس لديها أي اضطرابات صحية، السفر بأمان على متن الطائرة التجارية، حتى بلوغها الأسبوع 36 من عمر الحمل.
ومكمن الإشكاليات الطبية، والتي تدور حولها المناقشات العلمي، هي تأثيرات مقدار الضغط الجوي داخل مقصورة الركاب، ونسبة الأوكسجين التي من الممكن أن تستخلصها الرئتان عند التنفس، ودرجة رطوبة الهواء في المقصورة، وقلة الحركة أثناء الجلوس في المقاعد، وخاصة الضيقة منها في قسم الدرجة السياحية، والإشعاعات الكونية.
والضغط الجوي داخل مقصورة الركاب، في الطائرة التجارية، يُعادل ما يتراوح بين إما الوجود في مناطق على ارتفاع 8 ألاف قدم، أي حوالي 2500 متر، فوق سطح البحر، أو الوجود في مناطق بارتفاع حوالي 5 ألاف قدم، أي حوالي 1500 متر، فوق سطح البحر.
والاختلاف هذا في مقدار الضغط الجوي مبني على تفاوت تقنيات إنتاج شركات صناعة الطائرات لطائرات ذات بنية هيكلية تتحمل عمل قائد الطائرة على معادلة الضغط الجوي داخل مقصورة الركاب بما يُقارب ما أمكن ذلك المقدار للضغط الجوي عند سطح البحر.
ولذا فإن الطراز الحديث لطائرات شركات بوينغ أو إيرباص مثلاً، هي الأفضل في هذا الجانب من الطائرات القديمة.
وتأثيرات اختلاف الضغط الجوي، تشمل عدة أمور، منها اختلاف الضغط الواقع على جانبي طبلة الأذن وتسببه بألم الأذن لدى البعض، وتسببه في تمدد الغازات، وخاصة التي في الجهاز الهضمي، ما يتسبب بالاضطرار إلى إخراجها.
وتأثيراته أيضاً على الجروح الطبية أو الأجهزة التي بها غازات.
لكن الأهم من كل هذا هو تأثيره على كمية الأوكسجين، وليس نسبته للغازات الأخرى في الهواء، الموجودة في الهواء الذي يتنفسه الركاب داخل المقصورة. وبالتالي تأثيره على منْ لديهم بالأصل مشاكل في الرئة أو في دورتها الدموية أو في الدم وهيموغلوبينه، أو في القلب، أو الحوامل وتزويد الجنين بالكميات اللازمة من الأوكسجين.
وهنا تشير المصادر الطبية إلى أن الحامل السليمة، وبجنين واحد، لا تتأثر كثيراً بالأمر.، أما في حال الحمل بأكثر من جنين، أو وجود أي أمراض في الدم أو الرئة أو القلب، أو في الحمل نفسه، فإن الحذر واجب واستشارة الطبيب ضرورية.
وقلة الحركة أثناء السفر بالطائرة، قد تكون سبباً في إثارة نشوء جلطات الساق أو الفخذ، خاصة مع إما زيادة وزن الجسم خلال مرحلة الحمل، أو قلة تناول السوائل، من ماء وغيره، أثناء الرحلة الجوية.
وهو ما يحصل لدى السيدات نتيجة لتحاشيهم تكرار الحاجة للذهاب إلى دورة المياه للتبول. أو حصول جلطات سابقة في الأوردة، مع الحمل أو من دونه، أو بسبب جفاف هواء مقصورة الركاب.
ولذا من المهم ممارسة بعض تمارين تحريك العضلات للقدم والساق والفخذ، وتناول السوائل، والمشي في الممرات كل نصف ساعة.
ويُمكن لجفاف هواء المقصورة أن يتسبب بجفاف الجهاز التنفسي العلوي، لكن الأهم هو جفاف الجسم. وجفاف الجسم سبب في قلة تزويد الجنين بالدم وفي رفع احتمالات الإصابة بجلطات الأوردة.
ولذا فإن من الضروري الاهتمام بشرب السوائل، حتى لو أدى إلى تكرار الحاجة للذهاب إلى دورة المياه للتبول.
ولم يثبت علمياً حتى اليوم، كما تُؤكد الإدارة الأميركية المتقدمة الذكر، أن لتعرض الحامل للأشعة الطفيفة في الأجهزة الأمنية لتفتيش الركاب، ضرر على الأجنة.
وبالرغم من تأكيدها ذلك إلا أنها تنصح بتفتيش الحامل يدوياً دون تعريضها لأشعة الأجهزة تلك.
وأفضل الأماكن لجلوس الحامل هي المقاعد التي على الممر، وفي منطقة الجناح. وعلى الحامل ربط الحزام حول أسفل البطن، بشيء من الراحة.
ويجب مراعاة الأنظمة التي تتبناها كل شركة طيران بالنسبة لسفر الحوامل، والتي غالباً ما تتطلب تقريراً طبياً عن حالة الحامل وموعد ولادتها.
وتشترط للرحلات الداخلية أن يكون عمر الحمل أقل من 36 أسبوعا، وللرحلات الدولية أقل من 35 أسبوعا.
أما بخصوص مضيفة الطيران الحامل، فإن قوانين العمل لدى الكثير من شركات الطيران العالمية، تحضر عليها العمل كمُضيفة بعد تجاوز حملها عمر 20 أسبوعا.
الحوامل والملاريا
والملاريا جانب أخر مهم، عند السفر إلى أماكن موبوءة بها. والسبب أن الإصابة بالملاريا خلال الحمل تحمل مخاطر حقيقة على الأم وعلى الجنين وسلامة الحمل برمته.
والأصل هو نصيحة المرأة الحامل بتجنب السفر إلى مناطق موبوءة بالملاريا، ما أمكن ذلك، وإن كان لابد، فعليها الحرص الشديد على إتباع وسائل الوقاية من إصاباتها.
ولأنه لا يتوفر لقاح للملاريا حتى اليوم، ولأن إتباع تلك الوسائل بدقة لا يعني عدم احتمال الإصابة بها، فإن من المهم التنبه إلى علامات الإصابة بالملاريا متى ما بدت على إنسان ما، للتوجه إلى الطبيب وإجراء الفحوصات الخاصة بذلك، ومن ثم معالجتها إن ثبتت الإصابة.
وتشير إرشادات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية، للحوامل في مناطق الملاريا بإتباع التالي:
- البقاء في داخل مكان الإقامة ما بين الغسق، أول الظلام، إلى الفجر. لأن البعوض ينشط في تلك الفترة، خاصة خارج البيوت.
- لو اضطررت للخروج بالليل، فارتدي ملابس ذات ألوان فاتحة، وسابغة، وطويلة الأكمام، وجوارب، وأحذية.
- البقاء في أماكن ذات تكييف للهواء وبها أنظمة تهوية جيدة وعلى الشبابيك والأبواب شبك لمنع دخول البعوض.
- استخدام الناموسية bed nets على أسرة النوم.
- استخدام مستحضرات طرد البعوض، المحتوية على مادة دي إي إي تي DEET، للوضع على الجلد المكشوف من الجسم. وخاصة عند الخروج من مكان الإقامة. واستخدام بخاخ القضاء على البعوض، أو ما يُسمى "فلييت".
- البقاء في المدن، دون الذهاب إلى الأرياف، ما أمكن.
أما من ناحية استخدام العقاقير الطبية، فهناك جانبان مهمان من الحديث حولهما، ويهم الحامل وزوجها إدراك ذلك. وتُستخدم أدوية معالجة الملاريا لسببين. الأول، للوقاية قبل وأثناء وما بعد الذهاب إلى المنطقة الموبوءة. والثاني، لمعالجة الحالات التي ثبت إصابتها بالملاريا.
وفي جانب الوقاية، تُقسم مناطق العالم الموبوءة بالملاريا إلى نوعين، مناطق ذات ملاريا مستجيبة للعلاج بعقار كلوروكوين chloroquine ، ومناطق ذات طفيليات ملاريا مُقاومة للكلوروكوين. وهذا ما يمكن معرفته بسؤال الطبيب. وتناول الأم الحامل، وفي أي ثلث من الحمل، لعقار كلوروكوين، للوقاية أو للعلاج، لم يثبت ضرره على الأجنة.
وتتم الوقاية في المناطق المقاومة الملاريا فيها للكلوروكوين، بتناول عقار مفلوكوين mefloquine. وتناول هذا العقار أمن للحوامل في الثلث الثاني والثالث من الحمل. كما أنه، بالرغم من بعض التوجس الطبي، لم يثبت أي ضرر له على الجنين حينما تتناوله الأم في الثلث الأول من الحمل.
ولعدم ثبوت أي ضرر لتناول هاذين العقارين على سلامة الجنين، أو على نموه الطبيعي، فإن المرأة، التي لم تكن حاملاً حينما تناولت أي منهما، ليس عليها الانتظار أي فترة قبل محاولة الحمل. وفق ما تُؤكده الإدارة الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية. أما عقار دوكسيسايكلين Doxycycline وعقار بريماكوين primaquine ، المُستخدمان للوقاية من الملاريا، فلهما تأثيرات ضارة على الجنين. ولذا يجب عدم اللجوء لاستخدام الحامل أي منهما.