مركز أسنان الدولي
https://www.assnan.com
الدهون .. ما هو الضار منها وما هو والنافع ؟
تناوُل أنواعها المشبعة والمتحولة خطر على القلب والشراييندون أي مقدمات في العرض، وخلافا لما قد يعتقد البعض، فإن أحدا لا يناقش اليوم من الناحية الطبية في ضرورة وجدوى تناول الدهون، ذلك أنها أحد العناصر الغذائية الأساسية في ضمان قيام الجسم بعمله بطريقة طبيعية، ومن دونها لا يستطيع الجسم الحفاظ على حياته.
وهذه الأهمية ليس مردها فقط قدرة الدهون على تزويد الجسم بكمية عالية من الطاقة، مقارنة بالبروتينات والسكريات، ولكن للدهون أدوار مهمة في حصول عمليات امتصاص الجسم لمجموعات من العناصر الغذائية اللازمة لحياته، وللدهون أيضا أدوار حيوية مهمة في عمل أعضاء الجسم، ولبناء أنسجة أعضاء على مستوى عال من الأهمية في الجهاز العصبي، وفي إنتاج مجموعات مهمة من الهرمونات.
وبالمقابل، يعلم الكثيرون أن ثمة حديثا علميا طبيا جادا حول تعليل سبب الإصابات بأمراض القلب والشرايين، وأنواع من السرطان والسمنة وغيرها، بأنها ناجمة عن «كثرة» تناول الدهون.
الدهون كلمة عامة، تشمل مجموعات من المركبات الكيميائية التي تذوب في مواد المذيبات العضوية organic solvents ولا تذوب في الماء، ومن ناحية التركيب الأساسي لها يتكون المركّب الدهني من الغليسرين المتحد مع ثلاثة أحماض دهنية.
وفي درجة الحرارة العادية، داخل الغرفة، قد تكون الدهون إما بهيئة سائلة وإما جامدة، وهي صفة تعتمد على بناء مركب الدهون وعلى مكوناته. ومما تعارف الناس عليه إطلاق لفظ «الزيوت» على الدهون التي تكون في هيئة سائلة عند وضعها في درجة حرارة الغرفة العادية، بينما تسمى بـ«الشحوم» أنواع الدهون التي توجد في هيئة صلبة في درجة حرارة الغرفة، ولذا فإن كلمة «دهون» تشمل الزيوت والشحوم.
والمصادر الأساسية لحصول الإنسان على الدهون، التي يمكنه أن يتغذى عليها، هو إما الأطعمة الحيوانية وإما الأطعمة النباتية.
ومن أمثلة دهون الأطعمة الحيوانية: الزبد والسمن الحيواني، و«كريمة» القشدة، والدسم الموجود في الحليب ومشتقات الألبان، والأنسجة الشحمية الموجودة إما مختلطة بالعظم وإما متغلغلة داخل لحوم عضلاتها، أو في منطقة الظهر أو الذنَب من جسم الحيوانات البرية أو الطيور أو البحرية، وزيت كبد السمك.
كما أن من أمثلة دهون الأطعمة النباتية: زيوت كل من الزيتون والسمسم ودوار الشمس والذرة والكانولا والأرقان وجوز الهند والنخيل والفول السوداني، وكذلك تعتبر المكسرات مصدرا مهما وطبيعيا للحصول على الدهون النباتية في هيئة طبيعية خالصة.
أنواع الدهون وتصنيفها
ومن المهم بدرجة أساسية معرفة أن هناك أربعة أنواع من الدهون في الأغذية التي نتناولها، وأهمية هذه المعرفة ووضوحها جدا في ذهن أحدنا لها سببان:
الأول: أن التأثيرات الصحية للدهون على صحة أعضاء الجسم تختلف بحسب نوع الدهن. وعلى سبيل المثال، فإن تأثير تناول الدهون الموجودة في المكسرات على صحة شرايين القلب يختلف عن تأثير تناول الدهون التي في الشحم الحيواني.
الثاني: أن الأغذية تختلف في محتواها من أنواع الدهون. وعلى سبيل المثال، تختلف الدهون التي في زبدة الحليب الحيواني عن تلك الدهون في زيت الزيتون.
والأنواع الأربعة هي: الدهون المشبعة، والدهون الأحادية غير المشبعة، والدهون العديدة غير المشبعة، والدهون المتحولة.
ومما يجدر ذكره أن الكولسترول، كمادة كيميائية، يختلف في التركيب وفي الوظيفة والتأثير داخل الجسم عن عموم أنواع الدهون، ولكن لاعتبارات تتعلق بمصاحبة الكولسترول للدهون المشبعة في الأطعمة الحيوانية فقط، يُذكر الكولسترول مجازا مع الدهون.
الدهون المشبعة
لاعتبارات تتعلق بالتركيب الكيميائي للدهون، فإن كل مركب دهني تحيط به وتغلفه ذرات الهيدروجين، وهناك روابط عدة في ما بين ذرات الكربون والهيدروجين داخل مركب الدهن، وحينما تكون تلك الروابط مشبعة، أي لا يمكن دخول ذرات الهيدروجين إليها مثلا، فإن نوع الدهن يكون مشبعا.
وما تقوله المصادر الطبية حول الدور السلبي للدهون المشبعة على صحة الشرايين، القلبية والدماغية وغيرها، مفاده أن الإكثار، ولفترات طويلة، من تناول الدهون المشبعة هو عامل رئيسي في التسبب في ارتفاع نسبة كولسترول الدم، وبخاصة النوع الخفيف والضار منه. وبالتالي فإن هذا الإكثار من تناول الدهون المشبعة يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب ومن حصول تداعياتها.
وبعبارة أدق علميا، وكما لا يتوقع الكثيرون، يؤدي الإكثار من تناول الدهون المشبعة إلى رفع نسبة الكولسترول في الدم بمقدار يفوق تأثير تناول الكولسترول نفسه من الطعام! والسبب أن تأثير الدهون المشبعة على إثارة الكبد لإنتاج الكولسترول يفوق تأثير دخول كولسترول الطعام إلى الجسم.
ومعلوم أن 80% من الكولسترول الموجود في أجسامنا مصدره ما ينتجه الكبد، و20% فقط من كولسترول الجسم يأتي من الكولسترول الذي يدخل أجسامنا مع الطعام.
والمصادر الرئيسية للدهون المشبعة هي المنتجات الغذائية للحيوانات البرية، أي لحوم الضأن والبقر والجمال، وألبانها، ومشتقات ألبانها، والسمن والزبدة المستخلص من ألبان الضأن والبقر.
كما أن لحوم الطيور والدواجن غنية بالدهون المشبعة، أما البيض فمتدني المحتوى من الدهون المشبعة، وما في البيض من دهون هو من الأنواع غير المشبعة.
ويعتبر طعام البحر، كالأسماك والروبيان واللوبيستر وغيرهم، قليلة المحتوى من الدهون المشبعة.
وغالبية زيوت المنتجات النباتية من الأنواع غير المشبعة، بخلاف نوعين مشهورين، وهما زيت النخيل وزيت جوز الهند الغنيين بالدهون المشبعة.
الدهون الأحادية غير المشبعة
ومن اسمها تكون الروابط الكيميائية داخل مركبات الدهون غير مشبعة بالارتباط بذرات الهيدروجين، أي أنها «خفيفة» وغير مشبعة بثقل تراكم ذرات الهيدروجين.
وتبين الدراسات أن إحلال تناول «الدهون الأحادية غير المشبعة» محل تناول الدهون الحيوانية المشبعة هو وسيلة مفيدة ومؤثرة بشكل واضح في تقليل احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب، وفي خفض الارتفاعات في نسبة كولسترول الدم.
هذا غير الفوائد الصحية المتعددة لتناول زيت الزيتون على أعضاء شتى في الجسم، وهي التي لا مجال للاستطراد في عرضها ضمن مقام الحديث عن أنواع الدهون بشكل عام.
ومن أمثلة هذه النوعية من الدهون الأحادية غير المشبعة، زيت الزيتون، والزيوت الموجودة في المكسرات، والدهون الموجودة في ثمار الأفاكادو، والدهون الموجودة في البيض.
الدهون العديدة غير المشبعة
ويتشابه تركيب هذه النوعية من الدهون مع تركيب الدهون الأحادية، من ناحية عدم التشبع بذرات الهيدروجين، ولكن شكل المركب منها مكون من تراكم مركبات متعددة.
وهناك اتفاق بين المصادر الطبية، وبخاصة المعنية منها بصحة القلب والشرايين، على أن تناول الدهون العديدة غير المشبعة هو وسيلة ثابتة الفائدة في حماية الشرايين القلبية والدماغية.
ومن أفضل وأوضح الأمثلة نوع أوميغا-3 الموجود في زيت السمك، ونوع أوميغا-6 الموجود في أنواع المكسرات.
وأوميغا-3 مفيد لخفض نسبة كولسترول الدم، ولحماية الشرايين من ترسبات الكولسترول، ولتقليل احتمالات الإصابة باضطرابات نبضات القلب، وتقليل حدة التهابات المفاصل، وترطيب الجلد والشعر، ورفع حدة الذاكرة، وغيرها.
ولذا فإن تناول الأسماك الدهنية، كالسلمون والسردين والماكريل والتونا، وبخاصة منطقة الجلد فيها مفيد جدا، ولكن بشرط أن يتم طهيها بالشواء على الفحم أو بالبخار أو في الفرن.
وتوجد أيضا «الدهون العديدة غير المشبعة» في زيت السمسم والذرة ودوار الشمس وبذور الكتّان، ومكسرات المكاديميا والمكسرات البرازيلية وبقول الفول السوداني وغيرها.
الدهون المتحولة
والدهون المتحولة لا توجد في الدهون الطبيعية إلا نادرا، وبكميات ضئيلة جدا. والمصدر الحالي لدخول الدهون المتحولة إلى وجبات طعام الناس هو ما يحصل نتيجة للتعامل الصناعي مع الدهون الطبيعية.
وتحديدا، تنتج الدهون المتحولة من عمليات هدرجة الزيوت النباتية الطبيعية، ومعلوم أن عملية الهدرجة تتم لدهون الزيوت النباتية الطبيعية الصحية بغية إعطائها قدرة مقاومة الفساد والتزنيخ جراء حصول عملية الأكسدة لها بفعل التعرض الطبيعي للضوء والهواء والحرارة.
والحقيقة الطبية في هذا الشأن هي أن الدهون المتحولة سبب مهم في ارتفاع نسبة الكولسترول الخفيف الضار، وفي خفض نسبة الكولسترول الثقيل الحميد، وعليه فإن تناول الدهون المتحولة سبب مهم في رفع احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب وجلطة السكتة الدماغية ورفع نسبة كولسترول الدم.
ووفق ما تذكره «إدارة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية»، فإن تناول الدهون المتحولة، والموجودة في الزيوت النباتية المهدرجة جزئيا، أشد ضررا على الصحة من تناول المصادر الطبيعية للدهون عموما.
وتحديدا، تناول الدهون المتحولة أشد ضررا على صحة الإنسان من تناول الدهون الحيوانية المشبعة، ولذا فإن إرشادات رابطة القلب الأميركية تقول إن للإنسان أن يجعل الدهون المشبعة «البلاستيكية» لتكرار القلي مرات ومرات، وهو ما يعتبر توفيرا ماديا للشركات والمطاعم! وهو ما يحصل في قلي قطع بطاطا «الشيبس» والفرنش فرايس» وغيرها من الأطعمة في مطاعم «المأكولات السريعة».
وتوجد الدهون المتحولة بشكل خاص في الأطعمة المقلية باستخدام الزيوت النباتية المهدرجة، وفي الحلويات ذات هيئة القوام المتماسك، مثل «الدونات» و«الكيك» و«البسكويت» و«البيتزا»، وأنواع أخرى من الحلويات والموالح المخبوزة.